من سلسلة " قصص ملهمة "
كريم بن عبد السلام..أول شاب مغربي يتحدى
التوحد ويصل إلى سلك الدكتوراه
كان
هو الاستثناء الوحيد الذي اخترق القاعدة، وكان استثناءًا لا يمكن للإهانة أو عدم
التقبل من قبل الآخرين أن يثني عزيمته ورغبته في النجاح. تمكن كريم بن عبد السلام،
البالغ من العمر 27 عامًا من مدينة الرباط، من تجاوز جميع الصعوبات واستكمال مساره
الدراسي ليصبح أول شاب مغربي مصاب بالتوحد يحصل على شهادة الدكتوراه.
كريم
هو المولود الأول لأسرة بن عبد السلام، وقد جاءت إصابته بالتوحد في سن الثالثة.
بدأت عائلته تلاحظ أنه يظهر سلوكًا انطوائيًا وصعوبة في التواصل مقارنة بأقرانه.
على إثر ذلك، قرروا أخذه إلى أخصائي توحد الذي أكد تشخيص المرض. لقد كان هذا الخبر
صاعقًا للعائلة، حيث لم يكن لديهم أي فكرة عن هذا المرض من قبل وكيفية التعامل
معه. مع ذلك، قرر والد كريم بالتعاون مع والدته تحمل المسؤولية والتأقلم مع الواقع.
منذ
ذلك الحين، تغيرت حياة عائلة بن عبد السلام بشكل جذري. تحول تكفل ورعاية كريم إلى
المحور الرئيسي لحياتهم. واجهت العائلة العديد من التحديات معه، بما في ذلك إعادة
شرح الأمور مرارًا وتكرارًا حتى يستطيع فهمها. كان الأمر أكثر صعوبة بسبب عدم قبول
المجتمع لهذه الفئة من المواطنين. رفضت معظم المدارس الخاصة استقباله، باستثناء
مدرسة واحدة تديرها مواطنة بلجيكية. استمرت هذه المدرسة في استضافته حتى المرحلة
الابتدائية الثالثة، ولكنها تعرضت للضغط من أولياء التلاميذ الذين رفضوا أن يشارك
أطفالهم المدرسة مع شخص يعاني من اضطراب التوحد.
رفض
أولياء التلاميذ لكريم جعل والده يعيش في بحث دائم عن مدرسة جديدة. تنقل بين
المدارس الخاصة حتى حصول ابنه على شهادة الدراسات الابتدائية، ثم انتقل إلى
المدرسة العمومية واستمر في تعليمه الاعدادي والثانوي.
تجاوز
كريم العديد من المعاناة، وكانت هذه المعاناة ليست مرتبطة بالمرض فقط، بل كانت
أيضًا في تعامل الآخرين معه ورفضهم له. لقد واجه عنفًا وضربًا وإهانات خلال مرحلة
التعليم الثانوي.
من
وسط هذه المعاناة نشأ الابداع والتميز. بدعم من والديه وأفراد عائلته، وبفضل
إصراره القوي على النجاح، تمكن كريم من تجاوز انطوائيته. كان حبه لطلب العلم
وتطلعه لأهداف عالية في الحياة هما ما دفعاه للحصول على شهادة الباكالوريا
والاجازة والماستر، وحاليًا يواصل دراسته في السنة الثانية من سلك الدكتوراه.
كريم
يؤكد على أهمية تفهم العائلات لإصابة أبنائهم بالتوحد ودعمهم في جميع الأوقات، حتى
يتمكنوا من تحقيق نجاحاتهم في الحياة. يرى والد كريم أيضًا أن "إصابة طفل في
العائلة بالتوحد ليست نهاية العالم، ويجب أن ندعمهم وعدم إحساسهم بأنفسهم أقل مما
هم عليه".
إرسال تعليق